إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شفاء العليل شرح منار السبيل
217122 مشاهدة
وطء الحائض بعد انقطاع حيضها وقبل اغتسالها

قوله: [ولا يباح بعد انقطاعه، وقبل غسلها، أو تيممها، غير الصوم] فإنه يباح كما يباح للجنب قبل اغتساله.


الشرح: أي أن دم الحيض إذا انقطع عن المرأة ولم تغتسل لم يبح لها مما كان محرما عليها فعله زمن الحيض إلا الصوم قياسا على الجنب الذي يصح منه الصوم ولو لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر، لقوله تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ففيه دليل على جواز الجماع إلى طلوع الفجر، ويلزم من هذا أن يدخل الصبح على الصائم وهو جنب، ومما يدل عليه أيضا قول عائشة وأم سلمة - رضي الله عنهما- إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليصبح جنبا من جماع غير احتلام، ثم يصوم .
فإذا جاز الصوم من الجنب ولو لم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر جاز كذلك من الحائض إذا انقطع دم الحيض عنها، ولو لم تغتسل إلا بعد طلوع الفجر.
وأما وطء الحائض بعد انقطاع حيضها وقبل اغتسالها فإنه لا يجوز، قال شيخ الإسلام (أما المرأة الحائض إذا انقطع دمها فلا يطؤها زوجها حتى تغتسل إذا كانت قادرة على الاغتسال، وإلا تيممت، كما هو مذهب جمهور العلماء كمالك و أحمد و الشافعي ) قال (والقرآن يدل على ذلك، قال الله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ قال مجاهد (حتى يطهرن) يعني ينقطع الدم (فإذا تطهرن) اغتسلن بالماء، وهو كما قال) .
فالحاصل أنه لا يجوز للزوج وطء زوجته الحائض إذا انقطع الدم عنها حتى تغتسل أو تتيمم إذا لم تقدر على استعمال الماء.